الفرق بين عسل الدغموس والزكوم لا ينحصر فقط في اختلاف موطن نمو النبات الذي يرعى عليه النحل لانتاج هذا العسل فرغم انتماء النوعان إلى نفس الفصيلة (الفربيونيات) ونفس الجنس (Euphorbia)، لكنهما يشكلان نوعين متميزين، ويعتبرالفربيون (Euphorbia) من أكبر الأجناس النباتية في فصيلة الفربيونيات، حيث يضم أكثر من 2000 نوع منتشرة في جميع أنحاء العالم.
في المغرب، هناك نوعان من الفربيون يكتسبان أهمية خاصة من الناحية النباتية والاستخدامات التقليدية وبالخصوص في تربية النحل ويعد المغرب الموطن الأصلي لهذين النوعين:
- الدغموس (Euphorbia officinarum)
- الزكوم (Euphorbia resinifera).
وفي هذا المقال سنتطرق الى الفرق بين هذان النوعان، رغم انتمائهم إلى نفس الجنس، وهو ما يفسر تشابه بعض الخصائص العامة واختلاف الخصائص النوعية، إلا أنهم يظهران اختلافات مورفولوجية وبيئية وكيميائية كبيرة تؤثر أيضًا على خصائص العسل المنتج من رحيقها.
وعلى الرغم من وجود النوعين في المغرب، إلا أن مناطق توزيعها الدقيقة تختلف:
الدغموس (Euphorbia officinarum): يكثر في مناطق سوس، تزنيت، الصحراء المغربية، كلميم، ومناطق درعة. متكيف مع المناطق الساحلية والسهول القاحلة، يتحمل التربة الفقيرة وظروف الجفاف الشديدة والحرارة العالية، وكذلك التعرض للرياح البحرية والرذاذ.
الزكوم (Euphorbia resinifera): ينمو في المناطق ذات المناخ المعتدل والبارد، ينتشر بشكل كبير في المناطق الجبلية خاصة على منحدرات جبال الأطلس المتوسط، في أزيلال ونواحي خنيفرة، أزرو، والحاجب. يفضل التربة الصخرية جيدة التصريف، متحمل لتغيرات درجات الحرارة الأكبر المرتبطة بالارتفاع وأشعة الشمس الكاملة إلى الظل الجزئي، والزكوم لا علاقة له بـ شجر الزقوم المذكور في القرآن الكريم، بل هو تسمية محلية أمازيغية من “أزكوم”.
الاختلافات المورفولوجية بين الدغموس والزكوم
تُعد الاختلافات المورفولوجية من أبرز المعايير المعتمدة لتمييز نبات الدغموس (Euphorbia officinarum) عن الزكوم (Euphorbia resinifera). ورغم التشابه النسبي بين النوعين من حيث الانتماء لنفس الجنس النباتي، فإن البنية الخارجية لكليهما تكشف عن تمايز واضح في عدة جوانب.

بنية السيقان وعدد الأضلاع
سيقان الدغموس تمتاز بعدد أضلاع أكثرغالبًا ما تتجاوز 7 وتصل احيانا بين 9 إلى 13 ضلعًا عميقًا، وقد تكون مرتبة بزوايا قائمة. هذا العدد الكبير من الأضلاع يعطي السيقان مظهرًا أكثر استدارة وتنوعًا.
على النقيض، تظهر سيقان الزكوم بأربعة أضلاع محددة بشكل واضح، ما يمنحها مقطعًا مربعًا ثابتًا تقريبًا. وتُعد هذه البنية الرباعية من السمات الثابتة المميزة للنوع.

الشكل الخارجي للنبات
الدغموس يميل إلى التشكل في هيئة شجيرات منتصبة أو شبيهة بالشجرة، يمكن أن يبلغ ارتفاعها ما بين 1.5 إلى 2 متر. نموه عمودي نسبيًا، وفروعه أطول وتتميز بقلة كثافة التفرعات.
الزكوم، في المقابل، ينمو على شكل وسائد كثيفة، لا يتجاوز ارتفاعها 30 إلى 60 سم، لكنها تمتد أفقيًا لمسافة تتراوح بين 1.2 إلى 1.8 متر، ما يضفي عليه بنية أكثر تماسكًا وتكتلاً، مع تفرعات كثيفة من القاعدة.
الأشواك والهياكل الدفاعية
أشواك الدغموس أطول (قد تصل إلى 2 سم)، قوية وصلبة، مرتبة غالبًا في أزواج على الزوايا، وتُكوِّن خطًا مستمرًا أشبه بدرع طولي على طول الضلع.
أما الزكوم فيحمل أشواكًا أقصر (حوالي 6 ملم)، لكنها حادة ومرتبة أيضًا في أزواج، وتظهر بتوزيع منتظم يفصل بين كل زوج وآخر مسافة تقارب 1 سم.
تُبرز هذه الاختلافات المورفولوجية تمايزًا واضحًا بين الدغموس والزكوم، ما يُسهِّل التمييز بينهما ميدانيًا، ويسهم في حماية الأصناف المحلية من أخطاء التعرف، خاصة في سياقات الزراعة، التثمين البيئي، أو الاستعمالات الطبية.
الاختلافات الكيميائية بين الدغموس والزكوم
تشكل العصارة اللبنية (اللاتكس) أحد أهم عناصر التمييز الكيميائي بين نباتي الدغموس والزكوم، لما تحمله من مركبات كيميائية نشطة تُحدد الاستخدامات الطبية وتحذر من السمية.
يتميز الدغموس بتركيب كيميائي غني بمركبات التريتربين، ومن أبرزها اللوبيول (Lupeol) وأسيتات اللوبيول (Lupeol acetate)، وهما مركبان معروفان بخواصهما المضادة للالتهابات والمضادة للأورام. كما يحتوي لاتكس الدغموس على مركبات ستيرويدية متنوعة وهياكل إنجول (Ingenol-like structures) التي تلعب دورًا بيولوجيًا في التأثير على الخلايا، مما يمنح هذا النبات استخدامات محتملة في الطب التقليدي والعلاج الموضعي.
من جهة أخرى، يتميز الزكوم بوجود الريزينيفيراتوكسين (Resiniferatoxin) بتركيز عالٍ، وهو مركب ينتمي إلى فئة الفانيلويدات ويُعد من أقوى المركبات ذات التأثير المشابه للكابسيسين (الموجود في الفلفل الحار)، بل يفوقه آلاف المرات في القوة.
هذا التركيب الكيميائي يمنح الزكوم قدرة فائقة على التأثير على مستقبلات الألم العصبية، مما يفتح الباب أمام تطبيقات بحثية وطبية محتملة، لكنه أيضًا يرفع من درجة سميته بشكل كبير.
هذا التباين في التركيب الكيميائي يعكس اختلافًا بيولوجيًا واضحًا بين النوعين، ويُفسر سبب اختلاف استخدامهما التقليدية والحذر المطلوب في تعاملهما، خاصة فيما يتعلق بالاستخدامات الطبية أو التجميلية المحتملة.
أوجه الاختلاف بين عسل الدغموس وعسل الزكوم
يُعدّ كلّ من عسل الدغموس وعسل الزكوم من بين أكثر أنواع العسل شهرةً وتميّزًا في المغرب، ويُقدَّران لخصائصهما الصحية والطبية. ومع ذلك، فإنهما يختلفان بشكل واضح من حيث الخصائص الحسية والمذاق، مما يجعل التمييز بينهما مهمًا سواء للمستهلكين أو للخبراء في مجال العسل الطبيعي، فبعد التطرق لبعض أوجه الاختلاف بين النبتتين سنحاول تقديم أهم أوجه الفرق بين عسل الدغموس والزكوم:
الخصائص الحسية للعسل
1. اللون
عسل الدغموس يتميز بلون كراميل داكن مع درجات كهرمانية غالبًا ما تعكس تركيز المركبات النباتية فيه.
عسل الزكوم يميل إلى لون ذهبي إلى بني، وقد تظهر عليه درجات برتقالية بحسب فترة الحصاد وظروف التخزين.
2. المذاق و الإحساس في الفم
عسل الدغموس يتميز بطعم قوي وحار قليلًا، بنكهة لاذعة وفريدة، ويُحدث تأثير تدفئة تدريجي في الحلق بعد لحظات من تناوله، مع قوام كريمي مميز.
أما عسل الزكوم، فيقدّم طعمًا لاذعًا بشكل فوري، مع إحساس حارق أكثر وضوحا في الحلق، وتأثير تدفئة أقوى وأسرع من عسل الدغموس.
هذا الفرق في الإحساس يُستخدم أحيانًا كمعيار تقليدي للتمييز بين العسلين لتحديد الأصالة؛ إذ يُقال إن عسل الدغموس الحقيقي لا ينبغي أن يُسبب إحساسًا حارقًا منذ اللحظة الأولى، بل يجب أن يظهر الإحساس تدريجيًا، بينما عسل الزكوم يُحدث وخزًا واضحًا وفوريًا.
3. الرائحة
عسل الدغموس يتميز برائحة قوية ومعقدة، تحمل نفحات زهرية ونباتية تميّزه عن غيره. في المقابل، عسل الزكوم يحمل رائحة زهرية مباشرة وأوضح، مما يمنحه طابعًا عطريًا مميزًا ويسهل التعرف عليه.
تُساعد هذه الفروقات في اللون، والطعم، والرائحة على التفريق بين النوعين بشكل موثوق ليس فقط للخبراء، بل أيضًا للمستهلكين الباحثين عن المنتج الأصلي، خاصة في ظل ارتفاع الطلب على هذه الأنواع من العسل في الأسواق المحلية والعالمية.
الفرق في الفوائد والاستعمالات
اللبس الحاصل في التمييز بين عسل الدغموس وعسل الزكوم لا يعود فقط لتشابههما الظاهري، بل لأنهما أيضًا يتصدران قائمة أفضل أنواع العسل في المغرب. فكلاهما يُستخدم على نطاق واسع خصوصا في وصفات الطب البديل، بل وحتى في بعض التطبيقات الحديثة، نظرًا لاحتوائها على مركبات نباتية مميزة ونشيطة حيويًا.
لكن على الرغم من تشابه الفوائد العامة، فإن لكل نوع خصائصه العلاجية الخاصة التي تجعله أكثر فاعلية في بعض الحالات دون الأخرى. لنلقِ نظرة مفصلة على بعض الاستعمالات:
التأثيرات على الجهاز التنفسي
عسل الدغموس
يُعدّ من أقوى أنواع العسل لمحاربة الربو التحسسي، ويُلقّبه بعض الممارسين بـ”أفضل عسل في العالم لعلاج الربو”، كما يُستخدم لعلاج أمراض الجهاز التنفسي عمومًا، فهو يتميّز بتأثيره المهدئ والمضاد للالتهابات داخل الجهاز التنفسي مثل:
- التهاب الشعب الهوائية
- السعال الجاف المزمن
- نزلات البرد
- التهابات الأنف والحنجرة.
عسل الزكوم
هو الآخر فعّال جدًا في علاج الربو، لكن تأثيره يُلاحظ بشكل أكبر في حالات التهابات الرئة ومشاكل الأنف والأذن والحنجرة، مما جعله محل اهتمام بعض المختبرات الطبية التي تدرس خصائصه بشكل معمق.
الخصائص المضادة للالتهابات والبكتيريا
عسل الدغموس
غني بمركب الكيرسيتين (Quercetin)، أحد أقوى مضادات الأكسدة الطبيعية. ويتميّز بـ:
- خصائص مضادة للالتهابات
- تسريع التئام الجروح والحروق
- تخفيف قرحة المعدة وآلامها
- تقليل التهاب المفاصل
- التخفيف من آلام الدورة الشهرية
عسل الزكوم
يمتلك نشاطًا مضادًا للميكروبات أكثر تركيزًا، ويُظهر فعالية أكبر عند استخدامه في:
- تعقيم الجروح
- تسريع شفاء الحروق
- محاربة الالتهابات الموضعية أو الجلدية
- استهداف العدوى الفطرية والبكتيرية بشكل مباشر
تأثيرات علاجية أخرى
عسل الدغموس
يُستخدم في الطب الشعبي كمنشّط عام، ويدخل في بروتوكولات علاجية تتعلق بـ:
- العقم عند الرجال والنساء
- تنظيم الهرمونات والدورة الشهرية
- تنشيط الرغبة الجنسية
- مقاومة أكياس المبيض
- دعم التعافي الرياضي وزيادة الطاقة
عسل الزكوم
أكثر شيوعًا في مجال تقوية المناعة وتحفيز عملية الأيض، وله استخدامات تجميلية أيضًا مثل:
- تحسين مظهر البشرة
- علاج مشاكل فروة الرأس
- ترطيب الشعر وتغذيته
خلاصة الفوائد الصحية
| التأثير الطبي | عسل الدغموس | عسل الزكوم |
| الربو والتهاب الجهاز التنفسي | فعّال جدًا، تأثير مهدئ وتدريجي | فعّال، تأثير سريع على الحلق والرئة |
| التئام الجروح والحروق | فعّال بفضل مضادات الأكسدة | فعّاليته أقوى ضد الميكروبات الموضعية |
| مشاكل الجهاز الهضمي | يساعد على قرحة وآلام المعدة | أقل استخدامًا في هذا المجال |
| التوازن الهرموني والخصوبة | منشّط، يُستخدم لعلاج العقم | غير شائع في هذا الاستخدام |
| المناعة والطاقة | منشّط عام | فعّال لتقوية المناعة وتحفيز الأيض |
| العناية بالبشرة والشعر | نادرًا ما يُستخدم في هذا المجال | شائع في مستحضرات التجميل الطبيعية |
بهذا يتضح أن كل نوع من هذين العسلين له بصمة علاجية مميزة، تجعله أكثر فاعلية في استعمالات معينة. لذا، فإن معرفة الفروق الدقيقة بين عسل الدغموس والزكوم أمر أساسي لاختيار العسل الأنسب لك.
تجدر الإشارة إلى أن بعض التجار ومربي النحل قد يقومون بالتداخل في التسمية بين عسل الدغموس وعسل الزكوم، سواء كان ذلك نتيجة حسن نية وجهل أو بدافع سوء نية، بهدف الاستفادة من فارق السعر وتكاليف الإنتاج بين النوعين. فغالبًا ما يكون عسل الدغموس أغلى وأصعب إنتاجًا بسبب خصائص النبات الفريدة وظروف الإنتاج في مناطق تواجد النبات، مما يدفع البعض إلى إطلاق اسم الدغموس على عسل الزكوم لجذب الزبائن وزيادة الأرباح، رغم اختلاف المنتجين. هذا الخلط في التسمية يؤثر على وضوح السوق ويُربك المستهلكين، لذلك من الضروري الاعتماد على مصادر موثوقة وفحص جودة العسل بدقة لضمان الحصول على المنتج المطلوب.
شراء عسل الزكوم

عسل الزكوم
شراء عسل الدغموس
